Saturday, September 7, 2013

أنا و الخيال و هواك ...

قاعد هو قدام الفيس بوك، ملّ من الملل نفسة .. ايدة على زرار الريفريش على طول .. مع كل دوسة كان مستنى حاجة جديدة تحصل و مبيحصلش ....
من كُتر الملل قرر ينام .. الحياة بقت بالنسبة له يوم واحد و بيتكرر .. اخر حاجة سمعها قبل ما ينام مقطع من اغنية امل حياتى لأم كلثوم "و سيبنى احلم سيبنى .. يا ريت خيالى ميصحينيش" ....

فتّح عينة لقى نفسه فى مكان غريب .. شجر و مساحات خضرا فى كل مكان .. هوا بارد خفيف .. كأنه جوا لوحة مرسومة ..

-*كلام فى عقلة* أنا فين؟ اية المكان دة؟ بحلم ولا لسة صاحى؟ مش فارقة كتير المهم انى مبسوط ..
--*يظهر من بعيد راجل طويل، ضخم بشكل معقول، دقن بيضاء كبيرة، شعر ابيض طويل*
-*مذهول* بسم الله الرحمن الرحيم .. انت مين؟
--*بصوت عميق* انا خيالك.
-و انا خيالى يبقى شبة دمبلدور بتاع هارى بوتر لية كدة؟ *قالها بأستخفاف*
--انت اللى تخيلته كدة، انا حسب ما انت تخيلتنى بتشكل.
-*منزعج* مش كنت اتخيلتك شبة سكارلت جوهانسن؟ يالا اهه دمبلدور شغال برضه!
--*متسألًا* جاى لية المرة دى؟ انت مش كنت قررت تعيش فى الواقع و تبعد عن الخيال؟
-الواقعية مش زى ما توقعت، خليك فى حالك و متدخلش!
--*بهدوء* طيب قولى اية اللى متوقعتوش فى الواقع؟
-حاجات كتير والله يا عم دمبلدور *بحزن* منها الناس .. الناس بقوا زفت والله!
--احكيلى ..

-*بأسلوب مسرحى* عندك مثلًا الكدب .. الكدب دة بقى عادى لا من الكبائر ولا غلط ولا اى حاجة، الناس بتكدب حتى لو مش مضطرين يكدبوا .. بكدبوا لمجرد الكدب بس، ولا النفاق يا حاج دمبلدور، دة بقى بيسمّوه فهلوة او نصاحة، بقى جزء من حياتنا اليومية، لازم تنافق علشان متزعلش حد، لازم تنافق علشان تعرف تعيش وسط الناس من غير مشاكل، تنافق حتى نفسك علشان متفكرش فيها ...

--بس دى مشاكل قديمة موجودة من زمان و الناس كلها اللى جاتلى قالوا كدة!

-*بحزن* طيب بلاش النفاق، كانوا دايمًا يقولوا الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، تعالى معايا افتح اى قناة اخبارية و شوف كام واحد اتقتل علشان رأية .. و كل واحد ماسك فى رأية دة مش سايب حتى مساحة للنقاش .. تحس انه مولود برأية دة!
ولا التدخل فى امور البشر، دة بقى اسلوب حياة عندنا، حرية الفرد الشخصية دى ملغية من القاموس، مش بس النصيحة اللى بيقدموها لا، دول عايزين يشوفوك و انت بتنفذ النصيحة عافية، و يحكموا عليك بأى حكم هما عايزينه لمجرد انك منفذتش النصيحة او الرأى اللى فرضوه عليك ...

ربنا خلقنا مختلفين غير متساوين، بس واضح ان احنا اتساوينا فى الظلم، فى ان كل واحد مش راضى عن حاله، كل واحد عايز من الدنيا حاجة و مش طايلها، الفلوس و السعادة و الاولاد و السفر و الامان .... و الرضا!
بس الحمدلله .. يعنى هنعمل اية؟ قدرنا!

دة غير طبعًا الناس اللى مش عاجبها حاجة اللى بيزوّدوا الطين اكتر، تلاقيهم يمكن عندهم كل اللى تتمناه و برضه بيشتكوا، بيشتكوا من كل حاجة و اى حاجة، و يتريقوا على كل حاجة بحجة انه مش فارق معاهم حاجة، مع انهم اكتر ناس بيركزوا فى كل حاجة!

-*نظرة حزينة* طيب يا ابنى ما دى احوال الناس من زمان، هو لو كانت احوالهم احسن من كدة كانوا جم هنا فى عالم الخيال لية؟

-بلاش الناس، انا .. انا حياتى دايمًا حاسس ان ناقصها حاجة، فى وقت ما بكون فرحان بفكر فى الحزن، و وقت ما بكون زعلان مبكونش عارف افكر فى الفرحة، حاسس انى وحيد مليش مكان، مليش حد، مليش اى حاجة!
مستقبل؟ مش باين له ملامح .. و الحاضر زفت، و بنلجأ للماضى و الذكريات اهه نهرب شوية من اللى احنا فيه دة!
دة كدة و انا مقولتش كل حاجة، شايل عنك كمية فساد مش عايز حتى افكر فيها، و علشان مبحبش اتكلم فى السياسة!!

--طيب و انت مستنى تلاقى اية فى الخيال؟

- مستنى الاقى هدوء من غير دوشة، مستنى الاقى ناس بيحترموا بعض، ميكونش فى كدب ولا نفاق، ميكونش فى خناق و ناس بتموت، الاقى نفسى زى ما انا عايز، اشكلها بأيدى مش حسب الظروف، نفسى الاقى حياة!

--تعرف؟ كل اللى جم قبلك قالوا كدة، و شكلوا حياتهم هنا، اللى كان ضعيف بقى قوى، و الحزين بقى سعيد، و التعيس فى الحب حب مرة و اتنين، و اللى معهوش فلوس بقى اغنى واحد فى العالم، و الغبى بقى ذكى، و العيان بقى بصحته، و التخينة بقت رفيعة و جميلة، و اللى نفسها تتجوز اتجوزت، اللى نفسه فى اى حاجة عملها حتى الحاجات اللى مبتتقالش، بس عمر ما حد فيهم تخيل انه ميت، عارف لية؟ علشان هما جُم هنا يدوروا على الحياة!

-*مندهش* طيب و انت بتقولى الكلام دة لية؟

--*بحكمة و هدوء* علشان انت مش زى الناس دى، الناس دى استسلمت لليأس، بقوا ميتين و هما بيتنفسوا، انما انت مش كدة، انت عايز تعيش، و مش فى الخيال بس، عايز تعيش دنُّيتك، عايز تفوق قبل الصدمة، صدمة انك محققتش اى حاجة فى حياتك، فكر فى اللى انت ممكن تحققه، و نفذ .. متفضلش واقف مكانك، شكل حياتك بأيدك من غير خيال، اللى مش عاجبك غيره ولا انت عايزة اوصله، هى خطوة .. يا تكون قدها .. يا تفضل عايش معايا هنا بقيت عُمرك اللى بيضيع!

-*بحزن* انت بتعمل كدة لية؟ حتى انت زهقت منى؟

--*ضحكة خفيفة* انا مزهقتش .. بس انت فعلًا مش زى كل اللى بيجوا هنا، انت عايز فعلًا تعيش .. روح شوف حياتك و عيش! *لف فى اتجاه تانى و مشى*

-*متلغبط* طيب انا اعيش لية؟ و لمين؟ انا مليش حد اعيشله، انا عايز اعيش معاك هنا فى العالم دة، انا مبتعبش فيه و كل اللى انا عايزه بيجيلى .. اتعب لية؟

--*بص وراه* تعيش علشانك، علشانهم، علشان ...
اختفى المشهد ...

صحى على رنة موبايله، شاف اللى يقدر يعيش علشانه، عرف انه فعلًا عايز يعيش بس هو بيهرب من التعب .. بالوهم، و مش عارف ان الوهم اخرته تعب .. فقرر يتعب بس بفيدة!

No comments:

Post a Comment

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...