Tuesday, April 22, 2014

صيّاد الاسفلت

بقالنا يومين تحت بيتنا فيه حفله، الطريق بيتسفلت، الطريق اللى بقالى 18 سنة _من ساعة لما سكنت فى الشارع_ بسمع انه هيتسفلت، فطبعًا الناس فرحانه، لكن بتحصل شوية حاجات كدة تخلى الواحد يلعن ابو اللى جابوا المصريين كلهم، و اة المصريين بس لأنى مأظنش ان الحاجات دى بتحصل فى اى حتة فى العالم.

دايمًا كنت بسال نفسى، ليه الرصف او طبقات الاسفلت فى العالم كله بتكون ملساء حريرية، و عندنا احنا مليانه حُفر و نُقر فى الطريق؟ و كنت فاكر السبب اننا بنستعمل اجهزه قديمة، و بعيدًا عن ان دة حقيقى الا انه مش دة السبب الوحيد.

فى اثناء ما الطريق بيتسفلت، هتلاقى مجموعة من الناس ماسكين جرادل واقفين بيها جنب العربية اللى بتنزّل طبقة الاسفلت، مستنيين ياخدوا نصيبهم من الاسفلت كحق لا جدال فيه، الناس دول مين بقى؟ اصحاب المحلات اللى موجودين فى الشارع، معتبرين ان البروز اللى عاملينه فى الشارع دة من حقهم، و من حقهم كمان ياخدوا اسفلت علشان يحطوه قدام محلاتهم!

الناس باللى هى بتعمله و دة و خناقاتها مع المهندس المشرف على الرصف، ادت لأن طبقة الاسفلت اللى المفروض تغطى مساحة كبيرة من الشارع ماكفّتش، و لذلك توقّف العمل لحين ما يجيبوا طبقة اسفلت جديدة بكره.

الناس دى تجمّعها على الاسفلت يشبه إلى حد كبير تجمّعات الحيوانات المفترسه على فريسة ضعيفه اللى بنشوفها على ناشيونال جيوجرافيك، المشكلة ان هى الحياة فى البريّه كدة، ربنا خلقها كدة، حيوانات، انما المفروض ان ربنا كرمنا عندها شوية بالعقل، فى ناس بقى مُصرّين انهم يلغوه و يرجعوا للجزء الحيوانى فيهم، و مش عارف ايه السبب؟

أنا عن نفسى لو كنت مكان المهندس، كنت جبت بندقية قنص، و تقمصت دور صائد النمور، و فضلت اضرب فيهم لحد ما يقعوا كلهم على الاسفلت، و اخد الشئ اللى بيساوا بيه المناسيب فى الاسفلت دة، و امشى عليهم اساويهم بالارض بلا اى ذرة ضمير واحدة ان اللى بعمله دة غلط او ماينفعش.

Friday, April 18, 2014

حقيقة منسيّه و وهم حقيقى.

لأبد و انك سألت نفسك ولو مرّةً واحدة، ماذا افعل فى هذه الحياة؟ لماذا احياء؟ و ما الهدف؟ جميعنا تسألنا و فى بعض الاوقات لم نجد اجاباتًا ترد على هذه الاسئلة، ما الموت؟ و هل هو حقًا نهاية الحياة؟ ام بداية حياة اخرى؟

عندما تبحث فى هذا الامر يُخيّل لك ان الموت عملاقٌ يركض وراء كائنًا ضئيلًا مذعورًا يهرب من العملاق عسى الا يطاله فى النهاية، و لكن لكل شئ نهاية، او ان الموت نسيمٌ عليل جاء يخلصك من حرارة الصيف القاسية، و يحمل عنك اعباء الحياة الثقيله، هذا على حسب المنظور الذى تُطل منه على الحياة.

عندما كنت صغيرًا، كنت ارى امى تبكى كثيرًا عندما تسمع خبرًا عن موت احدهم فى احداث عنف سواء فى العراق او فلسطين او لبنان، و لم اكن اعرف لماذا تبكى، هؤلاء البشر لا نعرف عنهم شئ، الاولى ان تبكى عليهم عائلاتهم، لم افهم يومًا ماهيه الموت، و لماذا يبكى البشر عن موت احدهم، اليس هذا ما سيحدث لنا فى النهاية؟ اليست هذه بداية أخرى لحياة اخرى افضل؟

ان الموت هو الحقيقة الوحيدة الموجودة على هذه الارض، و لكن الناس يهابونها، فيهربون من الحديث عنها، و يرتجفون عند سماع خبرًا يحمل هذا اللفظ، و يستبدلونها بأوهامٍ قد تبدوا فى بعض الاحيان سعيدة، و البعض الاخر حزينه، مثل الحب، فاذا سألت احدهم ما هو الحب؟ اجابك اجابًة مختلفه عن غيره، و ستجد منهم من يقول لك ان الحب شئ سعيد، و آخر سيقول ان الحب شئ حزين ضار بالصحة، لكنك لن تعرف ان كان وهمًا حقًا ام حقيقة.

فالحب امرًا فطريًا، تولد فتجد عناية من ابويك، فتحبهما، دون ان تعرف تعريفًا للحب، تجد نفسك تريد ان تسعدهم فقط، تجد الراحة و انت بجانبهم، تشعر بألامان و الدفء، و هذه ماهيه الحب كما فطرنا عليه.

نحن نعانى من فقر فى المشاعر، فتجد انك لا تستطع ان تعبّر عن حبك حتى لأقرب الناس اليك، كلمة "احبك" لأبويك او اخوتك او حتى اصدقائك اصبحت صعبة النطق، و هذا اضاف صعوبة على حياتنا جميعًا، فأصبح الحب وهمًا، يتحدث عنه الجميع كطيف لا يرى، و لكن يجزم معظمهم انه موجود، و لكنه شئ نادر الحدوث.

ان المشاعر حين تُكبت، تموت، و يتحجّر القلب جراء موتها، فتلوح فى الافق فكرة الموت على انها الفكرة الوحيدة التى تستحق ان ينظر لها الناس، فهى الحقيقة المطلقة و الباقى اوهام، فالحياة رحلة لا تعرف طريقك فيها، لكنه حقًا سوف يكون صعبًا لو استسلمنا لهذه النظرية، فالموت و الحياة لا يختلطان، كالظلام و النور، لا يجتمعان.

قتلك للمشاعر لن يفيد، فهى جزءًا منك فى النهاية، و حديثك عن الموت لن يغير من الامر شئ، لكنك سوف تفقد حياتك تدريجيًا، دون ان تشعر، دون ان تعش.

Thursday, April 17, 2014

وإنى سميتها مريم

دائمًا و ابدًا، هناك اشكاليه هو ما يستطع الرجل فعله ولا تستطع المرأه فعله، كثيرًا من الحقوقيّن و انصار المرأة يقولون ان المرأة تستطيع فعل كل شئ و اى شئ، و آخرون يقولون ان المرأة لا تستطع عمل الا بعد الاشياء البسيطة فحسب، لأنها تفتقر للقوة و الجلد و التحمُّل، و هذا ما يتميّز به الرجل عن المرأة.

يُحكى انه كانت هناك امرأه و هى امرأة عمران، نذرت إلى الله ان يرزقها ولدًا، فاذا رزقها به سيكون هذا الولد متفرغًا فقط للعبادة و الخدمة فى بيت المقدس، فرزقها الله بأنثى، فحزنت قليلًا و قالت "
إني وضعتها أنثى واللّه أعلم بما وضعت، وليس الذكر كالأنثى" و انها سمّتها مريم، الاسم الذى سوف يُذكر فى جميع الاديان و فى ربوع الدنيا من مشرقها إلى مغربها، مريم.

فلم تكن مريم مجرد امرأة عادية، كانت تفعل ما يقول عليه الناس صعبًا او مستحيلًا بالنسبة لفتاة ان تفعله، حطمت قيودًا كثيره فى هذا الوقت، ففعلت ما كان ممنوعًا على الفتيات فعله بحكم انه شئ يحتاج الى قوة اكبر مما قد تتحمله فتاة فى هذا الوقت، لهذا بدأت معجزات مريم فى الظهور سريعًا.

فكلما كان يدخل عليها سيدنا زكريا فى المحراب كان يراها تتعبد، و عندها رزقًا كثيرًا، فيسألها السؤال المنطقى الطبيعى الذى يجب ان يُسأل فى هذه الاوقات "من اين لكِ هذا؟" فكانت تقول "هو من عند الله" و تُكمل عباداتها.

سبب من اسباب حُبى للسيدة مريم، انها كانت دائمًا و ابدًا فى حالها بعيدًا عن احوال البشر من حولها، مخلصة فى عبادتها لله، و لهذا كان يعطيها الله بغير حساب، من يعبد الله بغير حساب يعطيه اللى خيرًا بغير حساب، معادلة بسيطة و هذا ما حدث مع السيدة مريم العذراء.

فلم يعطها الله فقط رزقًا، و انما اعطاها ايضًا جزءًا من روحه، و جعلها مباركه هى و طفلها إلى يوم الدين، نورًا انار به الدنيا ضياءًا.

 مريم، ام سيدنا عيسى عليه السلام، ابنة عمران، معجزة فى كل شئ، ولادة سيدنا عيسى بدون ان يمسسها بشر هو شئ نقى بغير عكر، تستحق ان تُسمع قصتها بصوت شيوخًا مثل المنشاوى و مصطفى اسماعيل و الشيخ رفعت، فتكتمل البهجة من جميع الاتجاهات.

Saturday, April 12, 2014

السينتمنتاليه و اشياء اخرى.

تقريبًا، كل انسان اتخلق على وجه الارض عنده شئ او اشياء مُعيّنه كدة ليها بُعد سينتمنتالى _عاطفى_ بيربطه بحاجة بتفكره بذكرى حلوه، زى مثلًا موسيقى او اغنية سمعها فى اول مرة قابلها، او ممكن ذكرى من الطفوله، لعبة او كارتون، و تفكره بأيام يتمنى يعيشها من تانى بكل ما فيها.

فى السنين اللى فاتت دى انا كنت بحاول احارب اى شئ يربطنى بشعور ما، سواء حلو او وحش، و بحاول على قد ما اقدر انسى كل الاحداث دى، لكن من الواضح ان الشعور اللى بيربط الانسان بالاشياء دى بيكون اقوى من ان هو ينساه بسهوله.

بالنسبة لى، النجوم من اكتر الحاجات اللى مرتبطه عندى بشئ سينتمنتالى، بقلب أسامة منير تقريبًا لما بشوفها، نورها حولين القمر شئ مُبهج، من غير سبب.

فى اغنية سمعتها من قريب اسمها "الله يا ليل" للمطرب النوبى خضر العطّار، و الاغنية دى بيقول فى اولها "الله يا ليل يا ابو النجوم اللولى، فى التيه يدلّونى و يدللوا لى"، الجميل هنا انه يقصد بالنجوم دى اصحابه.

دايمًا بقول ان من الخِل الوفى، او الصديق الوفى دة من رابع المستحيلات، لكن الحقيقة انه ممكن تحقيقه، و فى نماذج كتير و امثله على دة، مش كتير بس موجودة.

وصفه لأصحابه بالنجوم و انهم فى التيه واقفين جنبه علشان يدلّوه دة شئ عظيم، فى جُملة بيقول فيها "إن قولت لى ان الدنيا ديه حدوته، انا اقول بدون اصحاب تكون ملتوته، و إن قولت لى ان الحياة دى رحلة، انا اقول و بالاصحاب بتغنى و تحلى" و دة حقيقى، مفيش حد هيقدر يعدى كل اللى بنشوفه فى حياته دة من غير صُحاب.

فى النهاية مفيش احلى من كلمة الامام الشافعى عن الصداقة "سلامًا على الدنيا ان لم يكن بها، صديقٌ صدوق صادق الوعد منصفًا"، و نقول من تانى "اللى معندوش صُحاب .. فقير".

Monday, April 7, 2014

لا يدوم اقترابى.

دائمًا ما كنت احاول ان احقق الاستقرار الداخلى* و الخارجى لحياتى، لا اريد لأى شئ ان يتغيّر، لا جديد، فقط خط مستقيم ثابت للحياة و للايام، بلا انبعاجات ولا انحرافات ولا زوايا حادة، فقط خط مستقيم لا يتقطاع معه آخر.

بقيت حياتى بهذا الشكل إلى ان تقاطع خط آخر بشكل مصادف للخط الذى اسير عليه، حاولت تفاديه ولكن لا يمكن تفادى مثل هذه الخطوط التى تظهر فجأة فى وجه خط سيرك، فلم استطع فعل شئ غير الاستسلام له، فتغيّرت وجهتى.

لن انكر ان التغيير الذى طرأ على حياتى بعد مقابلتى هذا الخط قد اضاف روحًا من البهجة عليها، فتجربة شئ جديد تكن دائمًا مبهجة، ككل البدايات، البدايات فقط.

و لأن لا شئ يسير وفق ما تريد، فأن ما يحدث فى مراحل ما بعد البدايات قد يحطمك إلى الابد، فيجب عليك ان تحذر مما تفعل.

هل قرأت يومًا اسطورة "إيكاروس"؟ هذا اليونانى الذى حُكم عليه بالسجن، و حاول هو و ابوه الهروب عن طريق تثبيت جناحين على ظهريهما بالشمع، و عندما حاولا الطيران، ارتفع الابن "إيكاروس" و ظل يرتفع حتى وصل قرب الشمس، فلم يدم اقترابه منها، حتى اذابت الشمع، فسقط جناحاه و سقط ورائهما.

أما انا فصممت على الاقتراب اكثر، فلما اذابت الشمس جناحاي، ضربت الهواء بيداى حتى اقترب اكثر، حتى احرقت الشمس ما تبقى منى، جزاءًا لعدم فهمى ان هذا هو قدرى، هذا ما اقدر عليه فقط، ولا يمكننى الاقتراب اكثر من ذلك.

فعندما عُدت إلى الارض، قررت الابتعاد، حتى يعبر الخط القاطع لخط سيرى، و اعبر انا بعده، مستمرًا فى المسير على الخط المستقيم، محققًا الاستقرار الذى طالما اسعدنى.
*الاستقرار الداخلى: مصطلح يشير إلى مقدرة النظام على تنظيم بيئته الداخليّه، و الحفاظ على الحالة الثابته للخصائص.

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...