Friday, November 29, 2013

على حِين غَفلةٍ

(1)

كنت قد نجحت -و بصعوبه- فى الفترة الماضية فى تغيّر بعض العادات التى كنت اراها خطًأ فى نفسى، كانت هذه العادات تضع حائلًا و سدًا منيعًا بينى و بين نفسى، و بين جميع من حولى. لكن .. و على حِين غَفلةٍ منّى، عادت إلى هذه العادات بشكل مفاجئ!

مَثلى كمثل المُدمنون على فِعل شئ ما، يسهُل اكتساب العادات و تثبيتُها و لكن من الصعب التخلُّص منها، تذكرت هذه الايام و التى بدأت فى اواخر سنة 2010 عندما شعرت اننى بلا هدف، بلا هويّة، بلا اى شئ .. شعرت اننى لا شئ!

اتذكر حينها اننى كنت فارغًا بشكلٍ كبير، كنت اتحدث طيلة الوقت، لا اكُف عن الحديث فى اللا شئ، من كثرة الفراغ الذى يملئ عقلى كنت اتحدث، لدرجة انه وصل الامر ببعض الناس اذ قالوا لى انه يمكننى السكوت الان و عدم الكلام و لن يحدث شئ!

(2)

اول طريق معرفة الخطأ كان مواجهة نفسى بأننى انا الخطأ، الاعتراف بأنك انت السبب فى معاملة الناس السيّئة معك لم يكُن هيّنا علي، و لكننى اعترفت .. اعترفتُ بأننى انا السبب فى هذه المعاملة.

كسر الانا العظمى لم يكن سهلًا، فقد كانت نفسى او "الأنا" اعز ما املُك فى حياتى، كانت تُمثّل تابو من التابوهات المُحرمة علي و على البشر الاقترابُ منها، و قد نجحت فى تحطيمِها و لكنها عادت مرّة اخرى للظهور.

(3)

تُصبح الصورة ضبابيّة و غير واضحة المعالم عندما تقترب منها اكثر، ترى التفاصيل الدقيقة بشكلٍ واضح و لكن .. تغيب الصورة الكاملة عن النظر، لأنك كلما اقتربت اصبحت الرؤية شبه مُنعدمة .. اما اذا ابتعدت تصبح الصورة الكاملة اوضح، تختفى التفاصيل التى قد ترهقك و لا تستفد منها بشئ .. و تظهر الصورة الكاملة.

لهذا، و عندما قررت البدأ فى اولى خطوات طريق التغيّر، اصبت بحالة من الانوميا الاجتماعية، و تعنى حالة عدم الاستقرار من انهيار بعض القيم الاجتماعية او الافتقار إلى الهدف، 
ويشعر المرء سيكولوجيا بالاغتراب والعبثية والانهيار الأخلاقي مما ينعكس سلباً وعزله.

و هذا ما حدث معى، وجدتُ نفسى اميل للوِحدة بالرغم من اننى اكرهُها و لكننى كنت افضل الجلوس وحيدًا عن مخالطة البشر، شعرت ببعض الزهد فى كل شئ، لا اريد من الدنيا شئً غير الخلاص .. خلاص من الدُنيا كُلها، كنت متيقننًا اننى اذا مِتُ فلن يلتفت إلى احد، لأنه لا يوجد من يهتم لأمرى، فكانت العُزلة و الوِحدة هى الحل .. و لم يكن افضل الحلول او حتى اصوبها.

(4)


كنت اشعر ان روحى تهيمُ و تهُب للخروج، و لكن كثرة الهموم فى نفسى احالت بينها و بين طريق الخروج، و قد اضاقت صدرى كثيرًا.

عندما قرأت قصة سيدنا موسى، وجدت ان معانته كانت فى انه نزل فى شعبٍ ليس سهل المعشر ابدًا، و كانت معانة سيدنا موسى معهم انه خائفٌ من انهم سوف يرفضونه و يكذبونه فعندما أمره الله بالذهاب اليهم و الى فرعون قال "
وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي" فقال " قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي  وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي".

فسمع الله نداء سيدنا موسى و ندائى، و شرح لي صدرى بعد معاناة دامت لأكثر من سنتان، بأن رزقنى و وهبنى سببًا للسعادة فى حياتى.

(5)

من اكثر العادات التى كنت امقتها فى نفسى، انشغالى بالناس عن نفسى، ارى ما فيهم من عيوبٍ و لا ارى عيوب نفسى، سألت نفسى ذات مرّة "هو انا مركز مع الناس لية؟ هو انا خلصت كل اللى فى نفسى خلاص لما هركّز مع غيرى؟ مش لما اخلص اللى فى نفسى الاول، دة اذا اصلًا كان فى العُمر بقيّة انى اخلص كل اللى فى نفسى، ابقى اركز مع الناس".

ما لفت انتباهى لهذا الامر هو اننى كنت اسمع ما يُقال عنّى من وراء ظهرى و لم يكن بالكلام الجيد، اذ كان تقريبًا كل الكلام ذمًا فى ما افعله، و فى شخصيتى، و لكن كان هذا بموجب اننى ايضًا كنت اتحدث عنهم بنفس القدر الذى كانوا يتحدثون عنّى به، اى ان هذا الحديث كان متبادلًا فى ما بيننا.

عندما عبر الله فى القرآن عن هذا المعنى قال "
وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ" فلم يقل الله و لا تلمزوهم -بمعنى يعب بعضكم الاخر- لأن الله اعلم بنفوس البشر و انك اذا تحدثت عن غيرك كأنك تتحدث عن نفسِك بالسوء لأنه سيرد اليك، لهذا ايضًا سأل الله تعالى البشر "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا"؟  بالرغم من قوّة و فظاعة المعنى الا انه صحيح بشكل كبير .. الا انه لم يمنعنا من ان نغتاب بعضنا البعض بكل ما هو سيئٌ فى نفوسِنا.

(6)

لهذه الاسباب، قررت ان اتغيّر مرّة اخرى، هذه المرّة لن تكن اسهل من سابقتها لكننى عزمت على التغيير بكل قوةٍ، هذه المرّة سأحاول التأكُد ان التغيير سوف يكون مستمرًا و اننى اذا داهمتنى هذه العادات مرّةً اخرى سوف اكون على اتم الاستعداد لدحرها قبل ان تغرس جذورها و تبث سمومها فى النفسٍ مرّة اخرى!

فيا رب يا من تملك كل شئ، يا من يتجه كل شئ صوبُك فى النهاية، ان تطهر نفوسنا مما لا يرضيك من قولٍ او فعلٍ، اللهم انى احمدُك بعدد الحروف التى نطقت فى حق من اغتبتهم بسوء .. فسامحنى و اغفرى لى غفلتى. آمين.

Friday, November 22, 2013

مجرد هذيان

العلاقات الاجتماعية عامًة نوعين، نوع بيكون قايم جملًة و تفصيلًا على المصلحة المشتركة .. و دة نوع ما بيتوجدش فيه مشاكل كتير لأن المصلحة دايمًا بتكون هى الغالبه فى المعادلة و كمان مبيكونش فيه رغى كتير فى الاحوال الشخصية اللى غالبًا ما تكون سببًا فى المشاكل!

النوع التانى و دة ما يسمى بالصداقة، و دة بيكون قايم على جميع المحاور الاجتماعية من تعارف و تداخل و ترابط و كل شخص بتكون حياته غالبًا شبه معروفه
 لأصدقاءه، و دة بيخليك اكثر تقربًا للشخص اللى بتعرفه على اساس الصداقه.

الفرق ما بين الاتنين .. انه فى النوع الاول انت مش محتاج تعاتب او تتكلم كتير، انت بس ممكن تعاتب فى حالة ان المصلحة ما تمّتش على الوجه الامثل او المطلوب.
اما النوع التانى فبيكون العتاب فيه دائم لانك بتكون مش عايز تخسر الشخص نفسه بأى شكل من الاشكال، ممكن تبعد اة .. بس تخسره لا!

فى العلاقات الاجتماعية لازم تخلّى بالك انك كفرد فى مجموعة كتير بتكون محتاج كل شخص فيها اكتر ما هما محتاجين ليك .. ركّز!

فى العلاقات الاجتماعية حاول تسيب مساحة خصوصيّة لكل شخص تعرفه، صدقنى الحكاية دى هتفيدكم جدًا فى حياتكم.

المشكلة الاساسية فى العلاقات الاجتماعية دلوقتى ان النوعين دخلوا فى بعض، حاول بقدر الإمكان انك تفرّق ما بين المصلحة و الصداقه .. حاول!

تعامُلك مع الاشخاص بيكون فى اغلب الاوقات على حسب الحالة المزاجيّة او المود بتاعك فى الوقت دة و برضه على حسب مدى بُعد او قُرب الشخص نفسه منك!


متزعلش لو الناس مقدرتش تقدّر حالتك فى وقت ما و شافوا انك مش عايز تكلمهم او بتتكلم بشكل غير مقبول .. ما همّا برضه مالهمش ذنب فى حالتك!

حاول على قد ما تقدر انك تعامل الناس بشكل كويس بعيدًا عن حالتك و مودك!

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...