Monday, March 31, 2014

فى ضلالٍ مبين.

من كام يوم شوفت بوست على الفيس بوك بيتكلّم عن سيدنا نوح، و هو واحد من اولو العزم من الرسل، دائمًا عندما يُذكر سيدنا نوح تُذكر السفينة بأعتبارها هى المشهد الرئيسى فى احداث وجوده كنبى مُرسل من الله فى الأرض، بس هو الوحيد تقريبًا من الرُسل اللى مش فاكر هو اُرسل لقومه ليه؟

اعدّت قراءة قصته من اول و جديد، اكتشفت اشياء يمكن ماكنتش ركّزت فيها اول ما تعرفت على القصة.

بتبدأ القصة ببعض البشر اللى كانوا صالحين خلال فترة وجودهم فى الارض، اهل مدينتهم قرروا يكرموهم فعملوا تماثيل تشبههم من الحجاره، و سابوها للناس علشان تفتكرهم، بعد ما جيه الشتا، الناس بدأت تاخد التماثيل دى و يحفظوهم فى البيوت بعيدًا عن الامطار.

اصبح كل شخص فى المدينة تقريبًا عنده تمثال لواحد من البشر الصالحين دول فى بيته، و اولادهم تربوا على ان هذه التماثيل شئ مهم، مع مرور الوقت اصبحت هذه التماثيل شئ مُقدّس يُعبد، مش مجرد تماثيل من الحجاره، الناس حولوا الحجاره لألهه لمجرد انهم حبوهم جدًا و حاولوا يكرموهم.

فبعث الله سيدنا نوح إلى هؤلاء القوم يحثهم على ترك عبادة هذه الاحجار و ان يعبدوا الله، فلم يكن من قومه الا ان قالوا له "إنا لنراك فى ضلالٍ مبين" هو اللى بالنسبة لهم اصبح فى ضلالٍ مبين علشان بيقولهم ان دول فى النهاية مجرد احجار لا تنفع ولا تضر.

سبب آخر دفعهم لعدم تصديق سيدنا نوح لما قال انه رسول اُرسل من عند الله لهم، السبب ان من اتبعوا سيدنا نوح هم ارذل القوم، اقل درجات المجتمع، المهمشين، اللى هما دائمًا و على مر تاريخ الرُسل هم اول من صدقوا بهم، لأنهم مُستضعفون، فدائمًا بيحتاجوا لشخص يقدروا يتّبعوه و يجرد يواجه هو القوم الظالمين.

بعد محاولات كثيره لسيدنا نوح مع قومه ان يؤمنوا بالله، قوبلت جميعها بالرفض، بل وصلت إلى الضرب احيانًا، فيأس سيدنا نوح من المحاوله، فجاءت آيه من اكثر آيات القرآن يأسًا "انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون".

ساعتها دعا سيدنا نوح بالدعاء اللى استجاب له الله و احدث الفيضان الكبير فى هذا الوقت "رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارًا" دعا به سيدنا نوح من شدّة البؤس لما وصل اليه الحال.

بعد ذلك، حصل موضوع السفينة المعروف لدى الجميع تقريبًا، و لكن استوقفنى ثلاث افكار من هذه القصة، انه من كتر حب اهل المدينة للأشخاص الصالحين جعلوهم الهه و دة شئ مرفوض فهم فى النهاية بشر، و عبدوا احجارًا لا تنفع ولا تضر فقط لأنها على اشكالهم، فحوّلوا سيرة هؤلاء الصالحين إلى شئ سيء حتى و ان كانت غير ذلك.

الفكرة الثانية، انه لما جيه رجل من نفس قومهم يحاول يهديهم لطريق انفع لهم من عبادة البشر و الاحجار اتهموه انه هو اللى فى ضلالٍ مبين، مع ان العكس صحيح.

و الفكرة الثالثة، انه كان سبب و حجه من اسباب عدم اتباعهم له ان من يتّبهونه فقط هم اقل فئة فى المجتمع، و دة شئ لا يمكن عن طريقة قياس اتّباع شخص او عدم اتّباعه.

لهذا السبب اصبح قومه عبره لمن فضّل العيش فى ضلالٍ مبين.

Wednesday, March 26, 2014

أسير على الصراط وحدى.

الحذر،  حساب كل خطوة تخطوها، خطوة قد توصلك إلى الجنّة و اخرى قد ترمى بك إلى اقصى قاع النار.

تسير وحدك مُكبّل القدمين، محمّلًا بكل ما فعلته من اعمال، هل حقًا اذنبت فى هذا؟ هل حقًا اخطأت فى ذاك؟ لا، لم اكن اقصد، او كنت، لا اتذكر، لا استطيع ان استرجع شريط ذكرياتى مرّة اخرى، لا عودة للوراء، فقط يجب عليك ان تتقدم.

اسير وحدى على الصراط، انظر إلى الوراء فأرى ان هناك من ينتظر ان يعبر مثلى على الصراطى، و لكنه صراطى، و لكل منّا صراطه، فكيف يريدون العبور من هنا، هذا المكان مُخصصٌ لى.

اراقب حركات من يقفون فى بداية الصراط، مترقبين، يحاول احدهم العبور ورائى، فأحاول ان اسُرع الخطوات، فيهتز الصراط، فنتوقف كلانا، و نبدأ بالتحرك ببطئ، لم نتمهل و لم نُفكر الا عندما شعرنا بالخطر سويًا.

انظر خلفى مرّة اخرى، ارى ان من كان يحاول العبور ورائى قد توقف فجأة، اراه قد غير وجهته، يحاول العودة مرّة اخرى إلى البداية، و لكن على الصراط لا يوجد مكان للبدء من جديد، يجب ان تحاول الوصول للنهاية، و دخول الجنّة، او الوقوع فى النار.

لا شئ حولك يدلّك على الطريق، فقط عليك الاعتماد على ما قد ترى بنظرك شديد الضعف فى لحظات كثيره، و على خطواتك الهادئه، احاول ان اكمل الطريق و ان لا افعل مثل ما فعل من كان ورائى، خطوة وراء خطوة ارى الجنة اقرب، و كلما اقتربت الجنة، كلما ثقلت خطاى، كلما كان الوصول اصعب.

الفاصل خطوتان، لم اجد اصعب منهما، تشجع، اكمل الطريق، لا احد يتوقف فى هذه اللحظه، اما ان تُكمل او تسقط، لا يوجد خيارات امامك، عندما تكون المسافة بينك و بين الجنة قريبه، فلن تستطع الا ان تفكر فى النار، كلنا نفكر فى ما نخاف اكثر ما نفكر فى ما نرغب.

احاول تحديد وجهتى، تتثاقل خطاى اكثر فى اكثر، و اصر على المُضى اكثر، فلا يوجد امامى الا ان اكمل، فهناك من ينظر ان يعبر على نفس الطريق، يقتله الانتظار اكتر من قبول الامتحان، اتمنى له النجاح و امضى فى طريقى.

Thursday, March 20, 2014

رب قلوب.

دائمًا كنت بستغرب ازاى شخص يكون بيصلّى و بيؤدى العبادات كلها و كاملة و مع ذلك عنده من البُغض و الكُره ما قد يكفى بلد بأكملها، كنت اتعجب من كونه ناقم على كل شئ و كاره كل شئ و مع ذلك بيصلى.

فى لحظات معيّنه كنت بفكر فى كونه ازاى بيقابل ربنا بقلب وقوده الكُره و الحقد و البغضاء على كل خلق الله، و انا كل اللى اعرفه ان الله مُطلّع على القلوب، و ان الله ينظر إلى قلوبنا لا صورنا.

يعنى مش مهم شكلك يكون كويس و دقنك مظبوطه و شعرك متسرّح، دى كلها مقاييس ممكن نحكم بيها نحن البشر على بعضنا البعض، انما لما يجى الحكم لله فالقصة مختلفه تمامًا.

فى هذا الوقت تظهر الآيه العظيمة "إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" بكل تجليّاتها، ان العلاقة ما بين البشر دائمًا ملتويه و مُعقدة و يدخل بها اكثر من عُنصر، منها العناصر النفسية التى غالبًا ما تتحكم فى احكامنا الشخصية على الآخرين.

اما العلاقة ما بين العبد و ربّه علاقة رأسيّه، لا يوجد بها وسيط، و دة اجمل شئ فيها، انها متصله طول الوقت، و هنا بقى بيكون الفارق الوحيد للقلب فقط، فأذا صَلُح القلب صَلُح كل شئ.

العبادات مش مجرد تنفيذ لأوامر الله كتأدية واجب فقط، العبادات محلّها القلب.

Tuesday, March 18, 2014

أحسن القصص.

القرآن بالنسبة لى مش مجرد كتاب اُنزل من الله على رسوله محمد بن عبد الله صلوات الله عليه و سلامه، قصص الانبياء و المرسلين و الصالحين و حتى الكافرين فى الكتاب لأخذ العبر منها.

على سبيل المثال قصة سيدنا يوسف اللى منها آية "نحن نقص عليك احسن القصص"، من اول خيانة اخواته لثقة ابوهم نبى الله يعقوب، إلى نقطة حكمه لمصر، مسار القصة بما يحمله من صعود و هبوط مُلهم جدًا لكل اللى بيدور على الحكمة من القصص فى القرآن.

أخوة يوسف اخدوا فكرة اكل الذئب لأخوهم من سيدنا يعقوب لما قال لهم "اخاف ان يأكله الذئب و انتم عنه غافلون" قال كدة لعلمه بعدم حب اخوته له لأنه كان مميز و كان المفضّل بالنسبه له فهو كان حاسس انه بيدبّروا له شئ فى انفسهم.

و فعلًا حدث ما كان يخافه، باعوا اخوهم و رجعوا بالقميص، القميص اللى ادوه لسيدنا يعقوب و عليه الدم علشان يتأكد ان سيدنا يوسف مات، فكانت اللحظة الاكثر غرابه لهم و الاكثر احباطًا له من جهة انهم نفذوا ما قاله و تركوا يوسف و ايضًا من جهة انه اخوته فعلًا تخلّوا عنه.

لكنهم غفلوا عن انهم يقطّعوا القميص علشان كدة سيدنا يعقوب اول ما شافه عرف انهم بيكذبوا علشان كدة رد عليهم الرد العبقرى اللى مكانوش متوقعينه "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ".

سيدنا يعقوب كان عنده يقين انهم لم يتركوا يوسف للذئب يأكله، و لكن كان فى حزن على فكرة ترك اخوته له فى مكان ما لا يعلموا عنه شئ فقط لأنهم بيغيروا منه لأنه المفضّل عند ابوه و المميز عنهم.

مفكّروش حتى ايه اللى خلاه مميز و حاولوا يعملوا زيه، لا قرروا يقضوا عليه، و دة تقريبًا اللى بيحصل عندنا لما بنلاقى حد ناجح فى مجال معيّن مابنحاولش ناخد عبره من نجاحه بل على العكس بنحاول ندمّر نجاحه دة للأسف، و دى من الحاجات اللى اتمنى من الله انها تتغير.

حديث موسى.

دائمًا هناك سؤال ما يجعلنى عاجزًا عن الاجابة، فى وقت من الاوقات كان السؤال الاهم فى حياتى هو "أنا ليه شخص عادى؟ انا شخص ماعنديش اى اهتمامات، شخص عادى جدًا لا يمكن يكون ليا شأن فى اى زمان، طيب انا هنا _فى الدنيا_ بعمل ايه طالما انا شخص عادى؟"

وقتها لم اكن اعرف انه يمكن ان يكون المرء عاديًا و يعدوا بعدها غير عادى، لم اكن اعرف قصة سيدنا موسى الا كمان قصّوها لنا فى المدرسة، سيدنا موسى كان بالنسبه لى رسول اُرسل من عند الله إلى بنى اسرائيل بكتاب اسمه التوراه .. بس.

لم اكن اعرف ان سيدنا موسى فى شبابه قتل عن طريق الخطأ رجُلًا، لم اكن اعرف ان سيدنا موسى هرب من مدينته خوفًا من ان يقتله احد اتباع فرعون.

سيدنا موسى خرج من مصر و تزوج و عاش حياة عادية، إلى ان قرر فى يوم من الايام انه يرجع مصر، فى طريق العودة شاف نار، فقال لأهله انه ينتظروه، لأنه رايح يجيب نار او يشوف الطريق منين.

راح سيدنا موسى يجيب نار رجع رسول مُرسل من عند الله _كما قال عمر طاهر_ إلى بنى اسرائيل و تحديدًا إلى فرعون.

ساعتها ربنا كلمه قاله "
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى" كان شئ غير عادى بالنسبه لسيدنا موسى، بعدها طلب سيدنا موسى من الله ان يرسل له هارون ليذهب معه إلى فرعون، لأنه خايف ان يضيق صدره و لا ينطلق لسانه فيسخروا منه، و قد كان.

فرعون سخر من سيدنا موسى مش بس علشان طريقه كلامه، كمان علشان كان متربى فى بيته، عايره انه كان متربى فى بيته و دلوقتى واقف قدامه يقوله اعبد الله فسخر منه "
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ".

رد فعل سيدنا موسى فى اللحظة اللى فرعون اتهمه فيها بالقتل كان عظيم، لم ينكر و انما قال انه قتل بس لما كان من الضالين "
قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ"، و لكن "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ"

سيدنا موسى بيتكلّم بثقة بعد ما كان هاربًا و خائفًا، بعدما كان يعيش حياة عادية اصبح من المرسلين.

لا يمكن بأى حال من الاحوال مقارنة حياة احد فينا بالرُسل، و لكن حياة الرُسل و قصصهم هى فى النهاية عبرة لنا، و فى حديث موسى عبره لكل شخص شايفه انه انسان عادى و مش هيكون ذو شأن فى يوم من الايام.

Sunday, March 16, 2014

فى بحر لُجّى.

اوقات كتير حسيت ان الدنيا فجأة قلبت سواد، مش شايف حتى الصورة الكاملة، بس الانقطاع دة جيه على فترات، يعنى كل فترة حسيت ان الدنيا بتضلّم جزء ورا جزء، الصورة ساعاتها بتكون ضبابيه و مش واضح فيها اى شئ.

أحسن تعبير لقيته عن الفتره دى هو التعبير القرآنى "
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ " جمال التعبير فى حد ذاته يغنيك عن المعنى، لكن المعنى اكثر جمالًا.
الله بيتكلّم عن الكفّار اللى طُبع على قلوبهم بأقفال فمبقوش قادرين على رؤية النور فى اى مكان، كلنا ساعات بنحس نفس الاحساس، انك مش قادر تحدد فين الطريق من كُتر ما الضباب مُتجمّع حواليك و مش قادر تشوف.

"
ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا" تعبير لم اجد افضل منه لفترة انعدام الرؤية، انعدام الشفافية لدرجة انه مش قادر حتى على رؤية نفسه فى وسط هذه العتمه، و دة الشئ المُربك، انه الحل فى انك تخرج من المشكلة دى انك تشوف انت واقف فين بالظبط و المسافات بينك و بين اللى حواليك بقت قد ايه؟

و فى نهاية الأمر يقول الله "
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ" فأدعوا الله ان تكون ممن انار الله بصائرهم، آمين.

انقطاع.

كم تمنّيت ان تختفى كل سبل التواصل بين البشر و لو لمدة يومٍ واحد فقط، ولا اقصد طرق التواصل الحديثه، اقصد طرق التواصل القديمة، حواس البشر، السمع و البصر و النطق.

تمنيت ان اسير يومًا فى الطريق و قد اختفت حواس البشر الا من النظر، اراهم جميعًا ينظرون الى بعضهم البعض و لا يستطيعون الكلام، فقط تظهر عليهم و لأول مرّة منذ زمن بعيد التعبيرات الوجهية التى مسختها هذه الوجوه الصفراء الموجودة فى مواقع التواصل الاجتماعى.

فليحاولوا الان الشكوى، او التعبير عن الضجر، او التكلّم فى حق بعضهم البعض، او الخوض فى لغوٍ عن الاعراض، و الخوض فى مالا يعنى احدًا منهم، فليحاولوا اللجوء الى اجهزتهم الباليه التى لا تستطيع نفعهم، فيفقهون إلى انه لا يوجد حل الا التعامل مع الوضع الحالى بالتعبير عن الحالة فقط بالاشارة.

منهم من سيقضى يومه عابسًا، متجهم الوجه، و قد خسر. و منهم من سوف يتعلّم الحكمة من الاطفال، لا شئ يمكن ان يقاوم عدم استطاعتك التحدث عمّا تشعر به غير الابتسامة، و هؤلاء من فازوا فى النهاية.

الاعجاز العلمى للأنسان

مساحة كوكب الارض تقريبًا 510 مليون كيلومتر مربع، و تقريبًا هو الكوكب الوحيد فى المجموعة الشمسية اللى ثبت وجود حياة عليه، موجود عليه مليارات الكائنات المرئية و الدقيقة الغير مرئية و طبعًا البشر، عدد البشر حوالى 7 مليار شخص.

قوم ايه بقى؟ يجى شخص واحد بس، فى مساحة اقل من 5 متر مربع، يقول جملة مكوّنه من اربع او خمس كلمات فى اقل من عشر ثوانى يكون مدمّر بيها يومك و الايام اللى بعده.

Monday, March 10, 2014

لا يكاد يبين

أحب انبياء الله لقلبى هو سيدنا موسى، بعيدًا عن معجزات شق البحر و العليقة المشتعلة، الا ان سيدنا موسى كانت معاناته ذاتيه.

سيدنا موسى كان عنده مشكله فى النطق، و مع ذلك لما ربنا امره انه يذهب لفرعون، لم يقل انه عنده مشكله و مش هينفع بل دعا الله انه يشرحه صدره لأنه يضيق صدره ولا ينطلق لسانه.

مشكلة النطق دى استغلها بكل حقارة فرعون لما راح سيدنا موسى يكلمه قال "أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ" و مهين معناها انه معندوش لا ملك ولا سلطان بالمعنى الدارج حقير، و لا يكاد يبين يعنى مابيعرفش حتى يتكلم.

بحس بالتعاطف الشديد معاه، انه حتى لو مش عارف يتكلم فهو جاى بيكلمك و يحاول ينقذك من الهلاك اللى هتشوفه، و لكن كبرك و عنادك ادى بيك لأنك تسخر منه اكتر "قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ .. " و بعدين لحقها ب"إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ".

سيدنا موسى يشبه كثير مننا، معاناته شخصيه، كان خايف انه ميعرفش يتكلم فيسخروا منه، فدعى الله فأستجاب له، و لكن فى المناظرة مع فرعون سخر منه علشان يحاول يقلل من قدره أمام الحاضرين بكل حقاره.

فى النهاية اللى وصفه فرعون بأنه "ولا يكاد يبين" اصبح من اولو العزم من الرُسل و اتبعه ملايين و فرعون غرق فى البحر، و اصبح ممن يضرب بهم المثل فى التسلّط و الظلم.

Sunday, March 9, 2014

لم افُز يومًا بهذا.

بعض الذكريات تبقى إلى الابد، حتى ولو كانت عابره وليست ذات اهميّة كبيره.

اتذكر عندما كنت صغيرًا لم افُز يومًا فى مسابقات المأكولات والمشروبات، لم افز بمسابقة التى شيرتات بأمضاء اللاعبين المشهورين فى ذلك العصر، لم افز بكرة بيبسى بما عليها من امضاءات من جميع نجوم العالم، ولا حتى كوب البيبسى الذى كان على شكل كُرة قدم، لم افز بعجلة كوكاكولا ووقف الجادون عائقًا أمامى ولم يسمح لي بالفوز بها.

لم افز يومًا فى مسابقات المدرسيّة، سواء الرياضيّة او العلمية، لم أكن من الاطفال المتفوقين الا فى سنة واحده من السنوات ويرجع هذا إلى اننى كنت احب المدرسين و المدرسات فى هذه السنه، فأحببت ان اظهر امامهم بمظهرٍ جيّد، فلم افز برضاء المعلّمين يومًا بعد ذلك.

لم افز بمعرفة جميع من قابلتهم فى حياتى، لم افز بمحبتهم، فزت فى بعض الاحيان بعطفهم ربما، او محاولات جعلى أشعر اننى لست مختلفًا او ادنى من ان يتعاملوا معى، فخرجت بعد ما قضيت تسعة سنين في مدرسةٍ دون أن أفوز بصديقٍ واحد، خرجت وحيدًا (غريبًا) كما دخلت.

لم افز يومًا براحة ما بعد الامتحانات، لأنه حتمًا سوف تكون هناك نتيجة لأجاباتى فى هذه الامتحانات، لم اذق يومًا طعم الراحة، أشعر بالقلق وينقبض قلبي عند سماعى للفظ "نتيجة".

لم افز يومًا بشيء مميز يميزنى عن باقى البشر ممن اتعامل معهم او اقابلهم يوميًا، شخص عادى، اقل من العادى، يتحدث بما يعلم و قليلًا بما لا يعلم، كوّنت بعض الصداقات المزعومة التى انهارت بمرور الوقت شيئًا فشيء كجبلٍ جليدي فى مسار النهر.

لم افز بدخول كلية توافق اهتماماتي، إذ لم يكن لدي اهتمامات، لم يعلمنى احد ان ابحث عن هدف واحاول ان اصل له، فضاعت بعض سنوات حياتى بلا ادنى هدف، لم تزيدُنى من المعرفة شيء.

تقريبًا، وعلى ما اتذكر حتى الأن، انني لم أفز مطلقًا بأي شيء حلمت به من قبل، أو لم أحلم، لكنني لم انتهي بعد، ضيعت الكثير من الفرص لكن الحياة لا تقاس بعدد الفرص التي ضاعت، بل بالفرص التي أقتنصتها بالفعل، لذلك لن أحسب كل ما فات، وسأنتظر، علني أجد ضالتي يومًا ما.
بالنسبة لى، اغانى احمد منيب هى عبارة عن خلاصة تجربته فى الحياة بكل ما مر به ممزوجه بموسيقى مميزه، ادخل على الساوند كلاود مثلًا و اكتب احمد منيب، و شغّل اول اغنية تظهر لك.

هتلاقيه بيكلّمك عن الحياة، هيقولك انها غروره مفيش فى ايده حاجة يعملها، هيسأل بأستنكار "مين قدها الايام؟" فمش هتجاوب، هيقول "يا وعدى ع  الايام"، هيفهمك ان كلنا عايشين فى دايرة الرحله ايامنا ع المولى و مفيش حاجة فى ايدينا، هيقولّك ان ربك رب قلوب، هيكلمك عن قد ايه ان احنا قلوبنا مشتاقة للحياة، بس الدنيا سرّاقه و بتاخدنا دايمًا لبعيد عن اهدافنا،  هيحكيلك عن الاندال اللى قابلهم فى حياته "و دة معايا بيمشى و غلاوته غلاوه، ليه يضحك فى وشى و يخبى العداوة؟" فتتعاطف معاه و تفتكر كل شخص مشى معاك و هو فى قلبه حاجة ناحيتك.

هينصحك نصيحة و يكلمك على انك صاحبه، هيقولّك ان الكدب طبعه يخون و الصدق مايخونشى، الكره يوم بيهون و الحب مايهونشى، امشى فى طريق الخير فى الشر ما تمشى، دة الدنيا بحر كبير و الحال مابيدومشى.

و فى النهاية هيكلمك عن شخص، طلب القهوة و ماشربهاش، جابوا له القهوة و هو مجاش، الله يرحمه.

Tuesday, March 4, 2014

لك انت ايها الغريب.

من منّا لم يشعر بالغربة؟ لم يشعر انه غريبًا وسط مجموعة من البشر لا يعرف عنهم ما يعرفونه عنه، هو لا يمل الكلام، و هم يبتسمون و يتهامسون فى ما بينهم، فيشعر انهم لا يريدونه ان يكون بينهم فى هذه اللحظة، فيشعر انه غريب، لا يتربطه بهم اى صله سوى صداقة مزعومه.

و قد تشعر احيانًا انك غريبًا وسط من تعرفهم جيدًا، تتحدث بما فى قلبك، و يحاول عقلك الترجمة لكنه لا يستطيع، فتخرج الكلمات مبهمه كما المشاعر فى قلبك، فلا يفهمون ما تريد قوله، فينقطع الاتصال فجأة فلا تجد فى نفسك الا ان تبتسم لهم و تصمت.

لم تجيد لعب دور المحقق الذى ينظر فى امور الناس اكثر من اموره الخاصه، لم تجيد لعب دور الناسك الذى لا يهتم بما يفعله البشر من حوله، فكلما قررت الّا تهتم تجد نفسك دون ان تدرى تسأل على احوالهم، فتهتم تاره و تارهً تبتعد.

لم تعد تأنس مصاحبة البعض ممن آنست مصاحبتهم من قبل و قد كنت تجد متعة خاصة فى مصاحبتهم، و البعض الآخر اصبحت تتشوق للقائهم بعدما كنت تبغض مجرد وجودهم حولك.

تتجلى امامك حكمة "دوام الحال من المحال" أكثر فأكثر، فلا شئ يبقى على حاله سواء اقتربت منه او ابتعدت، فالمسافات لا تؤثر على بقاء الحال، و كذلك الاوقات، فالزمن لا يلتفت إلى من يتأخر، ولا ياتى بالدنيا إلى من يتقدم، فلكل شئ ميعادًا موقوتًا.

لم تعد بحاجة إلى احد يقول لك ان الشمس سوف تسطع من جديد، و ان الفجر قادم لا محاله، و الليل ليس كئيبًا كما تظن، و انه له آخر كأى شئ اخر فى هذه الدنيا، فأصبر على ما هو آتْ ولا تفكر كثيرًا فى ما فات.

الوعد و المكتوب فى دايره الرحله.

جالسًا على اريكته القديمه، منقوشًا عليها لوحة لبيوت النوبه القديمة بألوان زاهيه، بجلبابه الابيض و شعره النابت على جنباته فقط، ممسكًا بعوده الاصيل، و بجانبه يجلس شاب اسمر، مرتديًا بلوفر بلون السماء الصافى، ممسكًا بدُفٍ و على وجهه ابتسامه طفوليه.

يبدأ الرجل بلمس اوتار عوده الاصيل، تخرج منه الحانًا كأنها تنهيدات خرجت من بين ضلوعه، يبدأ الشاب بالدق على الدُف بأصابعه النحيفه، كدقات قلبه المُتطلّع لما هو افضل دائمًا.

يقرر الرجل كسر لحنه بكلمات "فى دايره الرحله، دروب بنا تخلى، اه يا حبيبى عمرى، و صحبتى و قمرى" و لازال الشاب ناظرًا له مبتسمًا و الرجل منهمكًا فى الضرب على الاوتار و الغناء، يتوقف و من ثم يعاود الغناء مرّه اخرى، يهتز صوته قليلًا "ليه يا سنين العمر ترضى لنا بالمر؟ دة لولا فينا صبر لهان علينا العمر .. فى دايرة الرحله ايامنا ع المولى".

ينظر له الشاب مرّه اخرى و يبدأ بالغناء "الوعد و المكتوب، نمشى سكك و دروب، ولا ينتهى المشوار .. الوعد و المكتوب، نتعب ولا بندوب، و الليل فى آخره نهار" فيظر له الرجل بأبتسامه ابويّه، فيواصل الغناء "الصبر ما له حد مهما تمر سنين، و الشوق قصور تتمد تملى قلوبنا حنين .. الوعد و المكتوب مهما بنمشى دروب، يتلم تانى الشمل".

يقررون التوقف فجأة عن الغناء، ينظرون لبعضهم البعض، ثم يبدأون فى الغناء مرًّة اخرى "يا وعدى ع الايام، بتعدين بينا قوام، و بتدى، بنديش، ندبل و هى تعيش .. غروره، غروره مابيديش، بضحك مع الايام، بضحك و لو احلام، مين؟ مين؟ مين؟ مين قدها الايام، يا وعدى ع الايام" و يبتسمون. 

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...