Tuesday, May 14, 2013

عصر الانتفاخ ...

بعد حرب اكتوبر .. ابتدا عصر جديد الناس متعرفش عنه حاجة .. عصر فيه اللحمة زاد سعرها .. عصر انفتاح اقتصادى! يعنى اية مش عارف؟ .. عصر الاكتفاء الذاتى و انك تزرع اللى تاكله و تاكل اللى تزرعه ...

فى العصر دة .. حصل انفتاح ثقافى فى السنيما و المسرح و التليفزيون .. حصل نوع من الحرية بعد كبت الحرب و جو الوطنية .. حرية بقى و انفتاح .. كان جديد على الشعب المصرى  ...

القصة دى بقى حصلت فى العصر دة .. القصة بتقول .. ان كان فى راجل عقيد فى الجيش ساعة حرب اكتوبر .. و بعد الانتصار حصلت عمليات حربيه بين الجيش المصرى و الكيان الصهيونى فى سيناء و طابا ..

العقيد "أشرف حسن" كان من الناس المشاركة فى الحروب دى .. بعد ما خلصت الحروب دى سنة 1976 .. العقيد أشرف حسن قرر يرجع بيته و يشوف ولاده و مراته ...

العقيد أشرف كان عنده بنت و ولدين "ناهد" و "طاهر" و "جمال" .. كانت اعمارهم فى العشرينيات يعنى من 25 و اقل .. كان سايبهم من سنين و ميعرفش عنهم حاجة ...

رجع البيت و لقاه متغير .. اللون الابيض اللى على الحيطان بقى اصفر و ازرق! .. التلفزيون بقى أكبر .. الصور اللى على الحيطان .. مبقتش صور جدوده و اعمامه .. بقت صور لعبدالحليم حافظ .. و فرقه "The beatles" و الفيس بريسلى .. و غيرهم ....

اما ولاده .. فدول اتغيروا 180 درجة ...

الكبير "طاهر" .. طول شعره و مش مسرحه .. بقى شبه اسرى الحرب الاسرائلين الجنود المصريين .. لابس بنطلون احمر و قميص ازرق مفتوح لحد بطنه .. و لابس سلسلة دهب كبيره حوالين رقابته و بيعزف مع فرقه موسيقيه ...

بنته "ناهد" .. لقاها لابسه مينى جيب قصيره لونها اصفر .. و قميص معقود من اخره لونه اخضر .. و بطنها منتفخه و كأنها حامل!!

اما ابنه الصغير "جمال" .. فبقى شكله عامل زى عمال النظافه .. لابس جاكيت واسع و تى-شيرت ابيض مخطط .. شعره طويل شويه و منعكش .. و لابس نظاره كبيرة .. و مربى دقنه و ماسك كتاب كبير فى ايده اسمه "رأس المال" لكارل ماركس!

ابتدى الاب يسألهم عن احوالهم .. الاول كان عازف فى فرقه و بيسهر بره البيت اكتر ما بيقعد فيه .. و الويسكى و الفودكا بالنسبه له زى المياه .. و الماريجوانا و الحشيش مبيفرقوش سجايره ...

اما الثانيه .. فطلع الانتفاخ دة حمل فعلاً .. زعل الاب جداً انه مشاركش بنته بفرحتها فى ليلة جوازها .. فقالت له بضحك "جواز اية بس يا بابا؟ دة جيه كدة و كدة يعنى من غير جواز" .. الاب اتفزع "من غير جواز؟" .. البنت بتكمل ضحك "مستغرب لية؟ عادى يعنى!!" ..

"واضح فعلاً انى بقيت متخلف و دقة قديمة .. طيب ما تعرفونى اية اللى جرى فى البلد؟!" .. بهدوء قعد مع ولادة التلاته يفهموه اية اللى حصل فى البلد ....

كان كلامهم "احنا يا بابا عندنا فلسفة بنسعى لها .. الفلسفة دى هى الحرية .. يعنى تعمل اللى انت عايزه من غير ما حد يقولك عيب و حرام و غلط .. اجدادنا بتوع التاريخ كذابين .. و الاباء كذابين .. و رجال الدين منافقين .. مش عايزين حد من دول يقولنا نعمل اية و منعملش اية .. احنا احرار .. احرار .. نحب فى الوقت اللى احنا عايزينه و نشتغل فى الوقت اللى احنا عايزينه مش من حق حد يفرض علينا حاجة .. احنا احرار ....

فكر الاب شوية و قالهم "فكرة كويسه فعلاً انا كمان محتاج اكون زيكم .. محتاج اكون حُر" .. و فعلاً ابتدى الاب يبقى حر .. ميستحماش لفترة كبيره .. يطول شعره .. يلبس بنطلونات ضيقه ..

لحد ما مرة دخل عليهم ابوهم عامل بنطلون الجيش شورت قصير و مش لابس غيره .. و لابس الكاب بتاع العسكرية ..

-اولاده اتفاجئوا و اتضايقوا من المنظر دة "بابا اية اللى انت عامله فى نفسك دة .. دى حاجة تكسف بجد .. شكلنا يبقى اية قدام الجيران؟"

-ضحكة خبيثه لا وش الاب "مش الجيران دول برضه دقة قديمه؟ و بعدين انا حُر .. البس اللى انا عايزه و اطول شعرى زى ما انا عايز .. اعمل اللى انا عايزه .. مش هى دى الحرية اللى انت عايزنها؟ ولا هى شعارات استهلاكية بتقولوها للاستخدام الشخصى فقط؟!" ...

-بنته اتضايقت جداً "يعنى يبقى اية منظرى قدام اصحابك لما يشوفوك كدة؟"

-"و اصحابك دول مقالوش حاجة لما شافوا بطنك كدة؟ و مفكرتيش اصحابى انا ممكن يقولوا اية لو شافوكى كدة؟ ولا هى حرية كدة و كدة زى اللى فى بطنك دة؟"

ساد الصمت و محدش اتكلم لمدة كبيره و كل واحد فيهم مشى فى طريق ..

عدى اسبوعين .. و رجع كل واحد منهم لعقله .. "طاهر" ساب الفرقه و ابتدى يدور على شغل .. و قص شعره ابتدى يلبس قميص و بنطلون عادين ..

"ناهد" بقى خلاص اقنعت صاحبها بالجواز .. و ابتدت تذاكر علشان تنجح فى الجامعة .. اما "جمال" فساب افكار الشيوعية و ابتدى يركز فى دروسه و يحاول يتخرج من ثانوى بعد اربع سنين سقوط اعتراضاً على توجه الدولة!

و الاب جمعهم كلهم "أنا فخور بيكم فعلاً .. اهو كدة تبقوا محترمين .. القصة عمراها ما كانت فى ان الموضه كدة .. القصة انت عايز ايه فى حياتك؟ الحرية؟ كلنا عايزين نعيش احرار بس القوانين اللى بتنظم حياتنا مش كبت للحرية .. القوانين اتعملت علشان تحط معاير للحرية .. و تعاقب اللى بيحاول ياخدها مننا .. اهو انتوا كدة فعلاً احرار .. بس من غير شعر طويل و حمل كدة و كدة و افكار متتطرفه .. أنا فعلاً فخور بيكم" .....

No comments:

Post a Comment

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...