Wednesday, August 13, 2014

فى حضرة الليل والذكريات.



لا أعرف بالضبط من المتحكم فى الجزء المسئول عن الذاكرة فى عقولنا، ولكننى حقًا أريد ان أعرف ماذا يريد منّا بالتحديد، لماذا يذكرنا بما لا نريد تذكره فى هذه الساعات المتأخره من الليل، يغالبنا النعاس ونغالبه، تنغلق الأجفان بحثًا عن بعض الراحه مما ترى، فتتذكر ما حدث بينك وبين من قابلتهم فى سنين حياتك المدرسيه، مشاهد متتاليه كشريط كاميرا قديمه، السقطات والسوءات والعِبر، وسنوات التغيير وما تبعها، لا أريد أن اتذكر كل هذا، حقًا لا أريد.

نعم، أتذكر جيدًا عندما كنت مولعًا بتامر حسنى، وقصات شعره، وطريقة تحدثه، وكل شئ عنه، أتذكر عندما آتى صديق والدى ليزورنا ذات مره، وكنت على صفحة محبى تامر حسنى وأقسم اننى شُفيت من هذا شفاءًا لا يغادر سقمًا، فقال له والدى "تامر حسنى يا سيدى، هنعمل ايه بقى؟ شباب الـليّام دى!" فجلس الرجل وتحدث طويلًا عن ابنه الذى كان يعشق عمرو دياب فى التسعينات وكان يشترى ملابسه ويقلد قصات عمرو دياب، وتبع قصته بـ "هى بس الموضه كده الـليّام دى!".

لم أكن اتصور يومًا أن هناك واحدًا من شباب الـليّام دى يمكنه أن يسمع أغانى "أم كلثوم" أو يحب ألحان الموجى وبليغ حمدى، وأشعار رامى وأحمد شوقى، كان هذا مستحيلًا، حتى سماع منير كان مستحيلًا بالنسبة لي، فشباب الـليّام دى دائمًا تافه، مثله مثل ما يحبه ويمثله، أغانى تامر حسنى وأفلامه وحفلاته، حسام حبيب وحاتم فهمى ورامى صبرى، المزيد من قصات الشعر والموضه، لا شئ أصيل، لا شئ ذو ثِقل، فقط تفاهه من النوع النقى، هما دول شباب الـليّام دى.

تسألت كثيرًا لماذا لم ينقل لنا الآباء ما مروا به دون نظرة الأستعلاء هذه، لماذا يتهموننا بأننا تافهون أو متخبطون وهم يحملون وزرًا ويشاركون يذنبٍ فى هذا، هذا الجيل الذى لم يترك لنا مجالًا للأختيار، فقط فرض الفرائض وعلينا تأديتها، كنت أشعر وكأنهم يتعمدون أن يتركوننا لهذه التفاهه لكى يرضوا جزءًا بداخلهم يقول أنهم جيلًا أفضل، أنهم الجيل السامى ونحن حفنه من الفشله العاجزين عن تحقيق أى شئ.

هذا الجيل الفاشل هو من أعطى لهذا البلد شكلًا فى السنوات الأخيره، ولولا وجود هذا الجيل البائس من الكِبار لتغير شكل البلد حقًا، لو انه فقط تُرك له حرية الأختيار، لماذا لم يدعونا نفشل وحدنا، ونتعلم، لماذا يفرضون علينا ارائهم بداعى الخوف علينا، أو معرفتهم بالحكمه من وراء كل شئ، يمكن ان تصيب اراءهم فى بعض الأحيان، ولكن هذا الوقت ليس وقتهم، فمن الأفضل أن يتركوه لأهله.

الوقت يجرى والخروج من طريق الذكريات صعبًا، كفاك لعبًا بذاكرتى الضعيفه واتركها لي يا من تتحكم بها، فأنا أعرف كيف اديرها.

No comments:

Post a Comment

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...