Thursday, January 15, 2015

ندوة الفنان مصطفى حسني.

كافيتريا ساقية الصاوي، أقف مع صديقي في محاولة لتقارب وجهات النظر بيننا وبين إحدى البنات المنتقبات الحاضرات لندوة مصطفى حسني.

كان ذلك في 2012، فترة الإبتذال الأعظم في حياتي بعد فترة تامر حسني، قررت الذهاب إلى الندوة رغم إعتراض صديقي على ذهابنا، لكنني أردت الذهاب بإصرار، كانت الندوة مجانية، فقلت لا بأس، لنرى ما يقوله مصطفى حسني في الندوات، عندما إقتربت من الساقية، وجدت صفًا ممتدًّا من الباب الخارجي حتى الباب الداخلي للقاعة، معظم الواقفات فتيات، مع إستثناء بعض الشباب الذين يقفون في أماكن متفرقة بجانب الطابور، وبالرغم من هذا الزحام، قررت إستكمال التجربة، حتى النهاية.

تحرك الطابور للأمام، إقتربنا قليلًا من الباب الداخلي للقاعة، المكان مزدحم للغاية، هناك سلمًا يجب أن تصعده حتى تصل إلى باب القاعة، في أول السلم، يتفرق الطابور إلى ثلاثة طوابير أخرى لصعود السلم، في هذة البؤرة من الجحيم، لا مكان للتنفس، فمحيطك الشخصي يشاركك فيه أربعة أشخاص على الأقل من كل جانب، تسير بقوة الدفع، ملتصقًا بمن أمامك ومن خلفك، بغض النظر عن جنسه، فإذا تحرشت بمن أمامك أو تحرش بك من خلفك بدون قصد، فلا تقلق، فأنت على باب الندوة التى ستوصلك للجنة بإذن الله.

عندما وصلنا إلى الباب الداخلي للقاعة، سمعت المنظمين يصرخون "إقفلوا الباب، خلاص القاعة مابقاش فيها مكان، إقفلوا الباب بسرعة" عندما سمع إحدى الشباب هذا القرار، ركض بسرعة نحو من يغلق الباب، وأمسك بالباب ودفعه ليفتحه مرة أخرى، ليدخل الكثيرين مدافعين في مشهد مشابه لوصف مشهد الحشر أثناء القيامة، صرخات تصدع في أركان الكوبرى الموصول بالقاعة، كل شخص يركض وحده، دون الإلتفات لأصدقاءه أو من معه، كأنهم جميعًا جاءوا فُرادى، لمحاولة لحاق آخر وفد يدخل الجنة.

دخلنا إلى القاعة التى كانت بالفعل مزدحمة ولا يوجد بها موضع قدم بالقرب من المسرح، كل الكراسى مشغولة، الغالبية العظمى من الجالسات فتيات، أما الشباب فيقفون بجانب الحمّام أعلى القاعة، لم يتحمل صديقي الوقوف بجانب الحمّام، فإبتعدنا إلى أن وصلنا للنيل في آخر القاعة، لم أعد أرى مصطفى حسني، الذى جاء متأخرًا بعد وصلة من أغاني حمزة نمرة على الدي جي، وأعتذر عن وصوله متأخرًا، بإن قام ووقف لمدة لا تزيد عن خمس دقائق وجلس مرّةً أخرى. شعرت في هذة اللحظة إنني أمام فنان لا داعية، فنان له دراويشه، لا داعية له مريديه ومحبيه.

عند الكافيتريا، شاشة عرض كبيرة تعرض الندوة، فقررت أنا وصديقي أن نجلس على المقاعد الخرسانية المقابلة للشاشة، لكننا لم نطيل الجلوس، فقد جاءت لنا إحدى الفتيات الغاضبات تحدثنا عن خطأ جلوسنا هنا لأن هذا المكان "مخصص للفتيات اللاتى يرفضن الأختلاط، وجلوسنا هنا هو إختلاط صريح ومرفوض" فحاولت أن أفهمها أن هذه القاعة، بهذه الأرض التى نقف عليها، ملكًا للفتيات بالأساس، وأننا هنا ضيوف، ونريد منهم فقط أن يكرمونا،  لكنها لم ترضى بهذا، فقالت لنا "إتفضلوا من هنا لو سمحتوا"، فحاولت ألا أفقد أعصابي مع هذا الأسلوب المتعجرف في الحديث، فحاول صديقي تقريب وجهات النظر، لكنها لم ترضى، فتعصبت وسرت بإتجاه الباب وأنا ألعن الندوة ومصطفى حسني والمنظمين جميعًا.

خرجت إلى الشارع، فوجدت عددًا كبيرًا بالداخل، منتظرين أن يعطف عليهم أحد من خُدّام الندوة ومنظميها، ويدخل إلى الندوة المجانية، التى بالتأكيد ستكون أول الطريق إلى الجنة. قررت السير عكس إتجاههم، لأصل بصعوبة إلى باب الخروج من الساقية، عندما وصلنا إلى الباب، توقفت، لألتفت إلى صديقي وأسأله "هنعمل إيه دلوقتي؟" فرد عليّ "هندوّر على مكان ناكل فيه، أنا جعان وماكلتش من الصبح" فرأيت أن الطعام بالتأكيد سيكون أفيد الأن، فخرجنا نبحث عن مكان نأكل فيه، وفي داخلي ألعن اللحظة التي قررت فيها المجئ إلى هنا.


                                                         

No comments:

Post a Comment

أركن إلى المجاز الأقرب والأوضح، لضعف ما امتلك من حصيلة معرفية ولغوية وزخم شعوري تجاه العالم، فالوحدة هي الصحراء الواسعة، والظمأ الأرض ا...