قررنا ان نسير قليلًا فى شارع الحُسين و خان الخليلى، رأيت الكثير من الهدايا الجميلة التى يمكن ان اقول انها اختطفت نظراتى من الوهلة الاولى، و لكننى سمعت الندائات الكثيرة من البائعين و كأننى فريسة تجمع حولها قطيع من الاسود، اعرف ما يقولونه و اعرف ان السعر مضاعف ثلاثة اضعاف على الاقل، فأمشى ولا انظر اليهم بشكل مباشر و اكتفى بالابتسام فقط ...
توقفنا قليلًا لنستريح قال لى "تعالى بقى اشرّبك عصير قصب من عند عمّك عبده هنا ينسوك امريكا و اوروبا و اللى جابوهم"، و كان مزاقه جميلًا عذبًا و باردًا فى يومنا الحار هذا .. و لكن حدث ما جعلنا نترك العصير و ننظر بأتجاهه.
فتاة تقريبًا فى العشرينيات من عُمرها، ترتدى الكثير من اغطية الرأس فوق بعضهم البعض و بألوانٍ مُختلفه، طويلة و عريضة الاكتاف، سمراء قليلًا و لكن هناك الكثير من الدِهان الابيض على وجهها يجعل رؤية لونها الطبيعى صعبة، ترتدى جيبة جينز ازرق و تى شيرت ضيّق، تعبر بجانب شابٌ ايضًا يبدو عليه انه فى العشرينيات من عُمره، جزءًا كبيرًا من شعره غير موجود و الجزء المتبقى مرسومٌ عليه حرف S او Z لا استطيع ان اُحدد، يتحرك بجانب الفتاة و ينظر الى جسدِها نظرة اشتهاء ككلب اشتهى عظمة، قال بصوتٍ عالٍ "اية يا بت الجمال دة، فيفتى سينت معدى قدامى، ما تيجى و ...." و لم افهم طريقته فى الاطراء عليها فيشبهُها بفيفتى سينت المغنى الامريكى الشهير ضخم الجثة و ليس حسن المظهر بالشكل الذى يجعله يشبهها به، لم يُكمل كلامه فلطمته لطمة على وجهه وقع بعدها جسده الهزيل على الارض، و بعدها تفوّه الاثنان بكلماتِ لا اعرف معانيها و لكن اتصور انها كانت شتائم بذيئة لأن الرجل الكبير الذى وقف بجانبنا قال "لا حول الله، عالم محتاجة رباية صحيح، شوف البت واقفة بتشتم و تضرب فى الشباب ازاى" و لم يَلُم الشاب على فعلته التى جعلتها تقول مثل هذه البذئات ...
-ما تيجى نمشى من هنا يا عم انت عاجبك المنظر؟
-يا صديقى اريد ان اشاهد ماذا سيحدث.
-بقولِك اية؟ انا مضايقنى طريقة كلامك بالشكل دة، دة انت عايش فى مصر فترة برضه اكيد فاكر شوية من الكلام.
-(نظرت له قليلًا ثم ابتسمت) سأحاول يا صديقى ان اتكلم مثلك، يالا تيجى نمشى.
ثم تحركنا الى ان بعدنا كثيرًا عن مصدر الاصوات و ضجيجها ...
-(نظرت اليه) يا صديقى عايز اقول شئ، فى بلادِكم المرأة دائمًا مقيّدة و مغلوله بأصفاد من حديد، لية مش بتعملوا ... مساواه بين الرجل و المرأة، بما ان الله خلقهم من نفسِ واحده؟ لية فى دائمًا تفرقه فى المعاملة؟ يعنى المرأة تعامل دائمًا بعنصرية سواء بالتفضيل او التقليل من شأنِها، و دائمًا فى اخر الامر هى اللى بتحاسب المشاريب.
-(يضحك) تحاسب المشاريب؟ اسمها تحاسب ع المشاريب، انا غلطان انى قولتلك تتكلم عاميّة زينا، المهم كنت بتقول ان المرأة بتواجه معاملة مختلفة عن الرجل، و دة يمكن يكون حقيقى بس قولى كدة فين المرأة بتتعامل كما يجب؟ تفتكر معاملة الغرب للمرأة هى الصح و هى اللى المفروض نتبعها فى معاملة المرأة فى الشرق ولا كل واحده فيهم و ليها طريقة معاملة مختلفة؟ انا معاك فى ان فى جهل كتير بالدين و بالاخلاق الاجتماعية بيخلينا نبص للمرأة بنظرة مختلفة، زى مثلًا انها تشرب سجاير تبقى عيب و غلط و بنت مش محترمة، لكن لما ولد يشرب سجاير يبقى عادى و بكرة يبطل او حتى ميبطلش دة ولد، مع ان الاتنين غلط!
نظرة المجتمع دى سببها الجهل، بس برضه انا مش شايف ان الغرب بيبص للمرأة بنظرة افضل الا فى حاجات قليلة جدًا، غير كدة المرأة عليها برضه قيود اجتماعية كتير فى الطلاق و غيره من الاشياء المختلفه، طريقة التربية اكيد لازم تكون مختلفه، العادات مختلفه و الدين برضه عليه عامل كبير فى تشكيل الوعي عندنا بس احنا لا بنتّبع العادات ولا بنتّبع الدين، يمكن انا مش هقدر اتكلم عن الموضوع دة زى اى بنت فى مصر او فى الوطن العربى بس اهه بنحاول، و زى ما انت شايف اهه، شاب اقل ما يوصف به انه قذر بيتحرش بالبنت لمجرد بس انها لابسة ضيّق، ممكن اقولّك ان لبسها مش مناسب للحجاب اللى فوق راسها بس هو ملوش انه يعمل حاجة زى كدة علشان مش عاجبه لبسها.
-(قلت مقاطعًا) و ايضًا فرض الحجاب على المرأة بيكون من غير ارادتها، لية مش بيكون فى فرض للصلاة و غيره من العبادات اللى على الرجل و المرأة بالطريقه اللى بيُفرض بيها الحجاب على المرأة بهذا الشكل القمعى.
-دة كلام كبير اوى يا صديقى، ربنا لما فرض الحجاب او غيره من العبادات فرضه لنساء النبى و نساء المؤمنين اجمعين، و قال له شروط انه يستر و يكون كبير فيغطى الجيوب او فتحة الصدر يعنى "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" و الخمار دة يا صديقى هو غطاء الرأس، لكن مش دة المهم هنا، المهم ازاى تقدر توصّل الحجاب دة بطريقة لا تخليه يبان على انه عقاب ولا تخليه يبان كأنه قيد من القيود اللى بتتكلم عليها، فى كتير من الناس يجهل الشئ دة فبيفرضوا الحجاب بالعافية على بناتهم و بيخلوهم كارهين للحجاب و كارهين لكل الفروض من الله، و برضه السبب هو الجهل، مواجهة الصدأ المتراكِم اللى على العقول مش سهلة، احنا لو قدرنا نعالج الجهل فى المجتمع، هنقدر نقضى على الظواهر السيّئة اللى انتشرت زى التحرش و غيره.
-نعم، لديك كل الحق يا صديقى فى ما تقوله، و لكن هذا يحتاج إلى سنين طويلة من العمل، هتتعب كتير و النتائج مش هتكون زى ما تريد انت.
-يا عم انت بتعقدها لية بس؟ خليها على الله و نحاول بس نبدأ فى خطوات حتى لو كانت طويلة المدى، فى اننا نعلم الجيل الجديد ازاى يتعاملوا مع بعض بشكل مُحترم فى المجتمع، و على ما يحصل دة يكون اتفرض قانون رادِع للتحرش، و ياريت يُفرض قانون رادِع للجهل كمان علشان نُخلص، بقولّك اية؟ الدنيا بدأت تليّل كدة، ما تيجى اعشّيك عشوة ممبار و كوارِع من عندك عمّك بحّه، سيبك من كل اللى انت كلته فى حياتك دة هينسك حياتك كلها اصلًا، تلبُك معوى بقى يا معلم، تاكل و تدعيلى.
-(اضحك كثيرًا) يالا بينا، و انا اللى هحاسب ع المشاريب.
-(ينظر لى ممتعضًا) متتكلمش زينا تانى، انا غلطان.
يُتبع ...
توقفنا قليلًا لنستريح قال لى "تعالى بقى اشرّبك عصير قصب من عند عمّك عبده هنا ينسوك امريكا و اوروبا و اللى جابوهم"، و كان مزاقه جميلًا عذبًا و باردًا فى يومنا الحار هذا .. و لكن حدث ما جعلنا نترك العصير و ننظر بأتجاهه.
فتاة تقريبًا فى العشرينيات من عُمرها، ترتدى الكثير من اغطية الرأس فوق بعضهم البعض و بألوانٍ مُختلفه، طويلة و عريضة الاكتاف، سمراء قليلًا و لكن هناك الكثير من الدِهان الابيض على وجهها يجعل رؤية لونها الطبيعى صعبة، ترتدى جيبة جينز ازرق و تى شيرت ضيّق، تعبر بجانب شابٌ ايضًا يبدو عليه انه فى العشرينيات من عُمره، جزءًا كبيرًا من شعره غير موجود و الجزء المتبقى مرسومٌ عليه حرف S او Z لا استطيع ان اُحدد، يتحرك بجانب الفتاة و ينظر الى جسدِها نظرة اشتهاء ككلب اشتهى عظمة، قال بصوتٍ عالٍ "اية يا بت الجمال دة، فيفتى سينت معدى قدامى، ما تيجى و ...." و لم افهم طريقته فى الاطراء عليها فيشبهُها بفيفتى سينت المغنى الامريكى الشهير ضخم الجثة و ليس حسن المظهر بالشكل الذى يجعله يشبهها به، لم يُكمل كلامه فلطمته لطمة على وجهه وقع بعدها جسده الهزيل على الارض، و بعدها تفوّه الاثنان بكلماتِ لا اعرف معانيها و لكن اتصور انها كانت شتائم بذيئة لأن الرجل الكبير الذى وقف بجانبنا قال "لا حول الله، عالم محتاجة رباية صحيح، شوف البت واقفة بتشتم و تضرب فى الشباب ازاى" و لم يَلُم الشاب على فعلته التى جعلتها تقول مثل هذه البذئات ...
-ما تيجى نمشى من هنا يا عم انت عاجبك المنظر؟
-يا صديقى اريد ان اشاهد ماذا سيحدث.
-بقولِك اية؟ انا مضايقنى طريقة كلامك بالشكل دة، دة انت عايش فى مصر فترة برضه اكيد فاكر شوية من الكلام.
-(نظرت له قليلًا ثم ابتسمت) سأحاول يا صديقى ان اتكلم مثلك، يالا تيجى نمشى.
ثم تحركنا الى ان بعدنا كثيرًا عن مصدر الاصوات و ضجيجها ...
-(نظرت اليه) يا صديقى عايز اقول شئ، فى بلادِكم المرأة دائمًا مقيّدة و مغلوله بأصفاد من حديد، لية مش بتعملوا ... مساواه بين الرجل و المرأة، بما ان الله خلقهم من نفسِ واحده؟ لية فى دائمًا تفرقه فى المعاملة؟ يعنى المرأة تعامل دائمًا بعنصرية سواء بالتفضيل او التقليل من شأنِها، و دائمًا فى اخر الامر هى اللى بتحاسب المشاريب.
-(يضحك) تحاسب المشاريب؟ اسمها تحاسب ع المشاريب، انا غلطان انى قولتلك تتكلم عاميّة زينا، المهم كنت بتقول ان المرأة بتواجه معاملة مختلفة عن الرجل، و دة يمكن يكون حقيقى بس قولى كدة فين المرأة بتتعامل كما يجب؟ تفتكر معاملة الغرب للمرأة هى الصح و هى اللى المفروض نتبعها فى معاملة المرأة فى الشرق ولا كل واحده فيهم و ليها طريقة معاملة مختلفة؟ انا معاك فى ان فى جهل كتير بالدين و بالاخلاق الاجتماعية بيخلينا نبص للمرأة بنظرة مختلفة، زى مثلًا انها تشرب سجاير تبقى عيب و غلط و بنت مش محترمة، لكن لما ولد يشرب سجاير يبقى عادى و بكرة يبطل او حتى ميبطلش دة ولد، مع ان الاتنين غلط!
نظرة المجتمع دى سببها الجهل، بس برضه انا مش شايف ان الغرب بيبص للمرأة بنظرة افضل الا فى حاجات قليلة جدًا، غير كدة المرأة عليها برضه قيود اجتماعية كتير فى الطلاق و غيره من الاشياء المختلفه، طريقة التربية اكيد لازم تكون مختلفه، العادات مختلفه و الدين برضه عليه عامل كبير فى تشكيل الوعي عندنا بس احنا لا بنتّبع العادات ولا بنتّبع الدين، يمكن انا مش هقدر اتكلم عن الموضوع دة زى اى بنت فى مصر او فى الوطن العربى بس اهه بنحاول، و زى ما انت شايف اهه، شاب اقل ما يوصف به انه قذر بيتحرش بالبنت لمجرد بس انها لابسة ضيّق، ممكن اقولّك ان لبسها مش مناسب للحجاب اللى فوق راسها بس هو ملوش انه يعمل حاجة زى كدة علشان مش عاجبه لبسها.
-(قلت مقاطعًا) و ايضًا فرض الحجاب على المرأة بيكون من غير ارادتها، لية مش بيكون فى فرض للصلاة و غيره من العبادات اللى على الرجل و المرأة بالطريقه اللى بيُفرض بيها الحجاب على المرأة بهذا الشكل القمعى.
-دة كلام كبير اوى يا صديقى، ربنا لما فرض الحجاب او غيره من العبادات فرضه لنساء النبى و نساء المؤمنين اجمعين، و قال له شروط انه يستر و يكون كبير فيغطى الجيوب او فتحة الصدر يعنى "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" و الخمار دة يا صديقى هو غطاء الرأس، لكن مش دة المهم هنا، المهم ازاى تقدر توصّل الحجاب دة بطريقة لا تخليه يبان على انه عقاب ولا تخليه يبان كأنه قيد من القيود اللى بتتكلم عليها، فى كتير من الناس يجهل الشئ دة فبيفرضوا الحجاب بالعافية على بناتهم و بيخلوهم كارهين للحجاب و كارهين لكل الفروض من الله، و برضه السبب هو الجهل، مواجهة الصدأ المتراكِم اللى على العقول مش سهلة، احنا لو قدرنا نعالج الجهل فى المجتمع، هنقدر نقضى على الظواهر السيّئة اللى انتشرت زى التحرش و غيره.
-نعم، لديك كل الحق يا صديقى فى ما تقوله، و لكن هذا يحتاج إلى سنين طويلة من العمل، هتتعب كتير و النتائج مش هتكون زى ما تريد انت.
-يا عم انت بتعقدها لية بس؟ خليها على الله و نحاول بس نبدأ فى خطوات حتى لو كانت طويلة المدى، فى اننا نعلم الجيل الجديد ازاى يتعاملوا مع بعض بشكل مُحترم فى المجتمع، و على ما يحصل دة يكون اتفرض قانون رادِع للتحرش، و ياريت يُفرض قانون رادِع للجهل كمان علشان نُخلص، بقولّك اية؟ الدنيا بدأت تليّل كدة، ما تيجى اعشّيك عشوة ممبار و كوارِع من عندك عمّك بحّه، سيبك من كل اللى انت كلته فى حياتك دة هينسك حياتك كلها اصلًا، تلبُك معوى بقى يا معلم، تاكل و تدعيلى.
-(اضحك كثيرًا) يالا بينا، و انا اللى هحاسب ع المشاريب.
-(ينظر لى ممتعضًا) متتكلمش زينا تانى، انا غلطان.
يُتبع ...